الربيع :
هلمي يا محبوبتي نمش بين الطلول .. فقد ذابت الثلوج .. و هبّت الحياة من مراقدها و تمايلت في الأدوية و المنحدرات ..
سيري معي لنتتبّع آثار أقدام الربيع في الحقل البعيد .. تعالي لنصعد إلى أعالي الربى و نتأمل تموجات اخضرار السهول حولها ..
هاقد نشر فجر الربيع ثوبا طواه ليل الشتاء فاكتست به أشجار الخوخ و التفاح فظهرت كالعرائس في ليلة القدر .. و استيقظت الكروم و تعانقت قضبانها كمعاشر العشاق و جرت الجداول راقصة بين الصخور مرددة أغنية الفرح .. و انبثقت الأزهار من قلب الطبيعة انبثاق الزبد من البحر ..
تعالي لنشرب بقايا دموع المطر من كؤوس النرجس و نملأ نفسينا بأغاني العصافير المسرورة و نغتنم استنشاق عطر النسيمات ..
لنجلس بقرب تلك الصخرة حيث يختبئ البنفسج و نتبادل قبلات المحبة ....
الصيف :
هيا بنا إلى الحقل يا حبيبتي فقد جاءت أيام الحصاد و بلغ الزرع مبلغه و أنضجته حرارة محبة الشمس للطبيعة .. تعالي قبل أن تسبقنا الطيور فتستغل أتعابنا .. و جماعة النمل فتأخذ أرضنا ..
هلمي نجن ثمار الأرض مثلما جنت النفس حبوب السعادة من بذور الوفاء التي زرعتها المحبة في أعماق قلبينا و نملأ المخازن من نتاج العناصر كما ملأت الحياة أهراء عواطفنا ...
هلمي يا رفيقتي نفترش الأعشاب و نلتحف السماء و نوسد رأسينا بضغث من القش الناعم فنرتاح من عمل النهار و نسمع مسامرة غدير الوادي ..
الخريف:
لنذهب إلى الكرمة يا محبوبتي و نعصر العنب و نوعه في الأجران مثلما تعي النفس حكمة الأجيال و نجمع الأثمار اليابسة و نستقطر الأزهار و نستعض عن العين بالأثر ..
لنرجع نحو المساكن فقد اصفرّت أوراق الأشجار و نثرها الهواء كأنه يريد أن يكفّن بها أزهارا قضت لوعة عندما ودعها الصيف ... تعالي فقد رحلت الطيور نحو الساحل و حملت معها أنس الرياض و خلّفت الوحشة للياسمين و السيسبان فبكى باقي الدموع على أديم التراب ..
لنرجع..!! فالجداول قد وقفت عن مسيرها .. و العيون نشّفت دموع فرحها .. و الطلول خلعت باهي أثوابها .. تعالي يا محبوبتي .. فالطبيعة قد راودها النعاس فأمست تودّع اليقظة بأغنية نهاوندية مؤثرة ...
الشتاء :
اقتربي يا شريكة حياتي .. اقتربي مني و لا تدعي أنفاس الثلوج تفصل جسمينا .. اجلسي بجانبي أمام هذا الموقد .. فالنار فاكهة الشتاء الشهية .. حدثيني بمآتي الأجيال ... فأذناي قد تعبتا من تأوه الرياح و ندب العناصر ... أوصدي الأبواب و النوافذ .. فمرأى وجه الجو الغضوب يحزن نفسي... و النظر إلى المدينة الجالسة كالثكلى تحت أطباق الثلوج يدمي قلبي .. اسقي السراج زيتا يا رفيقة عمري .. فقد أوشك أن ينطفئ ... و ضعيه بالقرب منك لأرى ما كتبته الليالي على وجهك ... تي بجرّة الخمر لنشرب و نذكر أيام العصر ...
اقتربي ..!! اقتربي مني يا حبيبة نفسي فقد خمدت النار و كاد الرماد يخفيها .. ضميني فقد انطفأ السراج و تغلّبت عليه الظلمة ... هاقد أثقلت أعيننا خمرة السنين .. أرمقيني بعين كحلها النعاس .. عانقيني قبل أن يعانقني الكرى .. قبليني فالثلج قد تغلب على كل شيء إلا قبلتك ... آه يا حبيبتي ما أعمق بحر النوم !!! آه ما أبعد الصباح .. في هذا العالم ..........!!!