منبر الحق الالبببييي
: عدد المساهمات : 1 نقاط : 5321 الشكر : 1 تاريخ التسجيل : 04/05/2010
| موضوع: "ترويـض امــرأة" الخميس 20 مايو 2010, 3:27 pm | |
| "ترويـض امــرأة" قصــة قصيــرة بقلـم ذ/ صــالح الـزرود
زفرت محجوبة بحدة واللهاث الشديد يقطع نبراتها:
- ابن الكلب ... كيف سولت له نفسه أن يصفعني، من يحسب نفسه !! سأجعله يندم... - اهدئي .. اهدئي قليلا فإنني لم افهم شيئا مما تقولين.
هذا ما قالته لها عالية صديقة العزوبة ... وهي تعدل من وضع غطاء رأسها المنحشر عن شعرها، لكنها لم تهدأ
وأردفت قائلة:
- لكنني موفقة .. على الأقل أغضته، قلت له إنك أكبر إنسان فاشل على وجه الأرض... ولسوف تبقى كذلك
مدى الحياة... لم يحتمل إهانتي القاسية، احتقن وجهه بالحمرة وكذلك احمرت عيناه فلطمني على خدي بعنف وقد صاح
بملإ صوته:
- أيتها الكومة الممقوتة ... كيف تجرئين على هذا... أما تستحين!!
قالت عالية وهي تقهقه بدعارة:
- أصيل ابن أصيل ... هو السي سعيد في ثورته الثالثة إذا..
- هل تشمتين ؟
- كيف اشمت في أعز صديقاتي، إنما أنا امزح.
قالت ذلك و اختفت أو كادت في دهليز الدار المغلف بطبقات من الدخان بعضها فوق بعض، فيما حطت محجوبة
رضيعها متأففة على الحصير الدومي الخشن بعدما بلل كل ثيابها، فكت سرة ملابسه و أخرجت منها لفة صوفية دسته
فيها بحذر، مسحت مخاطه المتدلي الحاوي لأكثر ألوان الطيف ... و نثرته بعنف فعلق بالجدار المغبر ومسحت بقاياه
الملتصقة بإبهامها و سبابتها على الجدار ذاته ثم مشت بعد قليل إلى الدهليز حيث كانت عالية تسوي إبريق الشاي
النحاسي على الجمر في قعر المجمر المغربي .
وفيما كانتا تشربان الشاي أمطرت عالية الرجال بألفي لعنة ولعنة... وفي قرارة نفسها تمنت لو تحقق مناها الكبير
وتقدم أحدهم لخطبتها، شرطها وحيد ولا غبار عليه، أن يكون الخاطب رجلا... إذ ما أجمل أن يحتضن فراش واحد
ظلي رجل و امرأة...
هي تحفظ سيئاتها عن ظهر قلب ... من سيتقدم لخطبتها سوف يفتقد فيها الظل الخفيف وسيكتوي بقنابل لسانها
اليدوية.... ولكنه بمرور الزمن سيعتاد الطبع الجافي وستبذل هي قصارى جهدها لتشذب ما يمكن تشذيبه من اللسان
الأرقط ... محجوبة مجنونة، تلعب بالنار تريد ترويض زوجها، فليكن، لكن بشكل ماكر و مغر..
قبل أن تسلم محجوبة جفنيها للنوم في تلك الليلة أسرت إلى نفسها مطمئنة:
- سوف أصبر ريثما يأتي السي سعيد بعد أن يزاوله الغضب سيسترضيني كما فعل أكثر من مرة و سيقبلني بين عيني
و على شفتي على مرأى من عالية التي سيحرق لهيب الحسد قلبها، ثم سيقول لي:
- أحبيبتي ، أقسم لك بأنني نادم، لن أكرر فعلتي هذه أبدا.
ستسعدني كلماته وستطربني قبلاته، لكنني سوف أبالغ في الامتناع حتى يجهش بالبكاء، إذ ذاك فقط ارحمه...
ومضت الأيام متتاليات والسي سعيد لم يحرك ساكنا فوجب قلب محجوبة وجيبا شديدا، كانت تتساءل بذعر:
- أو تراه سأمني؟ أيقدر أن يتركني فريسة لنظرات عالية و ذكور هذه القرية الذين يترقبون مقدم كل امرأة غريبة حتى
ينفشوا صدورهم بغرور وتتدلى ألسنتهم إلى الأرض السابعة !؟
وقبيل أذان عصر الغد بالكاد زارتها واحدة من جاراتها بقرية "ّالشارقة" قاطعة الأميال الثلاثة لتلقح ابنها في المركز
الصحي...
حين لقيتها ندت عن الجارة فورا تنهيدة مصطنعة وهي تقول:
- اعذريني يا أختاه... لم استطع كتم أمر كهذا عنك.
- أي أمر ؟؟ - . .
- ما بالك... لم لا تتكلمين.
- السي سعيد... - ما به..! ؟
- أخبرني أمس أنه سيطلقك طلاقا لا رجعة فيه.
- ماذا ... ماذا تقولين؟
- وقال بأن نبيلة بنت السايح قد قبلته زوجا... فقلت أخبرك بحق الحب الذي جمعنا منذ زمن.
قالت هذا ووخزت حمارها القصير حتى كاد يكبو، تركت محجوبة ساهمة...
ليلتئذ باتت محجوبة كالقابضة على الجمر، ما اكتحل جفنها بنوم طوال الليل، كانت ترى أمام عينيها نبيلة وهي تسكر
بقبلات السي سعيد وتستمتع بمناغاته الحلوة.
وقبل أن تطل أشعة شمس الغد من وراء التلال كانت تجد في سيرها إلى " الشارقة"، لقد اشتاقت إليها مع أنها لم
تغب عنها إلا أياما معدودات، عرجت على سوق " الشارقة" الصغير في طريقها ومنه ابتاعت بطيخة حمراء كبيرة.
حين بلغت الشارقة بعثت الجيران إلى السي سعيد ليسترضوه، لكنه رد عليهم وساطتهم، فاقتربت من دارها الحبيبة
واقتعدت الأرض بمحاذاة سياج القصب المحيط الذي يخفي الدار، وبقيت تحملق بعينيها المتعبتين في قرص الشمس،
قرصت طفلها غير ما مرة لاستثارة عواطف الأبوة في نفس السي سعيد.
نفذ صبرها تماما حين اشتد الحر فقرعت الباب بعصبية، وما انفتح حتى مرقت خلاله وقبلت السي سعيد قبلة طويلة، كتم
ضحكة كبيرة طلعت من جوفه وجذبها قائلا بمرح :
- والآن أيتها العفريتة... كيف تشعرين ؟؟
وفيما كان يقطع البطيخة الحمراء إلى قطع صغيرة، كان يضحك... ويضحك، كان كمن لم يضحك قط في حياته.
02/08/1996 الزوائر، بني ملال
| |
|
???? زائر
| موضوع: رد: "ترويـض امــرأة" الخميس 20 مايو 2010, 4:25 pm | |
| ابهرني ما خط به قلمك امامي
بخط هد السطور المنتضمه في
مقاله مرسومه على لوحة مسح فني
على هدهب القصه التى تحمل لنا
وقائع من واقعنا بارك الله فيك يا منبر الحق
وجزك الله عنا كل خير وجعله لك في ميزان
حسناتك تقبل مروري المتواصغ اخوك المنادي
|
|